الثلاثاء، 21 يونيو 2016

نباتاتي

علاقتي بنباتاتي الصغيرة التي تصطف على شرفتي وشباكي .. تشبه علاقتي بأصغر أبنائي .. أدللها وأعتني بها .. حتى أنني أشتاقها لو غبت عن البيت، وأوصي زوجي بها خيرا ..
كما أنني أحدثها .. نعم أقول لها الكثير عن جمالها .. أتغزل بها كعاشق مفتون، وأحيانا أشفق عليها من غضب الريح، أو حر الشمس .. أذكر في الشتاء الماضي هرعت إلى الشرفة لما هبت الريح تصفر غضبى ذات مساء بارد، لأحمل الأُصُص من أعلى الشرفة وأضعها في موضع بعيد عن مهب الريح التي تنفخ غضبها على أغصانها الرقيقة وأوراقها الجميلة، فتكسر أناقتها، وتحني عودها الرفيع ..
كان لدي أُصيص كبير حيث لا يمكن حمله وحدي، طلبت من زوجي المساعدة، فسخر مني وقال اتركيها لن تموت .. آلمتني روحي حزنا عليها .. فقمت بسحبه حتى أوصلته لمكان آمن وأحطته بغلاف .. عندما خرج زوجي للشرفة في اليوم التالي .. ضحك قائلاً: " يُعتمد عليكِ"، قلت: "حين لا أعتمد عليك لابد من التصرف وإلا أموت قهرا، في انتظاري اليائس"
في الصيف أملأ عبوة بالماء وأرشها بينما أغني لها وأنا امسح أوراقها .. ويوجعني قلبي من شراهة الشمس وهي تهجم على براءتها كوحش جائع .. أشاعتها التي تُفسد بشرتها الناعمة .. فأحملها وأدخلها للحجرة حيث الظل حتى تهدأ حرارة الشمس فأعيدها ..
في الربيع تبدو جميلة دون أن تجهدني للاعتناء بها .. أبتهج لكرمها وهي تتراقص أمامي بفعل النسمات الهادئة، وتملأ رئتي بعطورها الزكية، وتنتعش روحي من ألوانها المختلفة ..
في الخريف، أتأمل حالنا وحالها الذي لا يدوم، وأوقن أنها ما ذبلت إلا لتنمو، وما تساقطت أوراقها، إلا لتنبت الأجمل والأحق بالحياة .. علمتني ملامح خريفها، معنى الصبر، وكيف أن الدائرة تدور على كل شيء حتى على النباتات الصغيرة ..

أزهاري الصديقة .. نباتاتي الجميلة .. لو عطشت أتذكرها، لو بردت أتذكرها، وحين استيقظ أبدأ صباحي وأذكاري أمامها ..
وقبل النوم أودعهن بنظرة كلها امتنان لجمالهن الصامت ..
علاقتي بها عبادة تفيض بالمحبة لخالقي .. وأتعلم منها الكثير.
‫#‏هبة_جودة‬

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق